أو: لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا. (مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً): من عندك نعمة بالتوفيق والمعونة. وقرئ: (لا تزغ قلوبنا)، بالتاء والياء ورفع القلوب، (جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ)، أي: تجمعهم لحساب يوم، أو لجزاء يوم، كقوله تعالى: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) [التغابن: ٩]. وقرئ: (جامع الناس)، على الأصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتصاف: أهل السنة يدعون بهذه الدعوة غير محرفة، لأن الهدى والزيغ مخلوقان لله تعالى، والمعتزلة يزعمون أن العبد يخلق الزيغ لنفسه فيحرفون الدعاء عن موضعه.
الراغب: (لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) لا تمنعنا التوفيق، فجعل منع التوفيق إزاغة للقلوب لأدائه إليها إشارة إلى ما قيل: أقطع ما يكون المجتهد إذا خذله التوفيق، وإياه قصد من قال:

إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
والهبة: تمليك الشيء غيره من غير ثمن، فنبه بقوله تعالى: (وَهَبْ لَنَا) أن حق العبد أن لا يلتفت إلى شيء من العمل وطلب العوض به، بل يرجو رجاء المفاليس الطالبين للتفضل والهبة لا العوض، وإنما قال: (مِنْ لَدُنْكَ) لأنه لما كانت الهبة على ضربين: هبة عن عوض، وهبة لا عن عوض، نبه بقوله: (هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ) أن هذه الهبة اعتراف أن بتفضله يدرك ما لا يدرك في الدنيا والآخرة، نحو قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: ٤٣].
قوله: (أو لجزاء يوم، كقوله: (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) [التغابن: ٩]، قال القاضي: نبهوا به على أن معظم غرضهم من الطلبتين ما يتعلق بالآخرة، فإنها المقصد والمآل.


الصفحة التالية
Icon