حوّاءَ من ضِلَعٍ من أضلاعِها (وَبَثَّ مِنْهُما) نوعَي جنسِ الإنس؛ وهما الذُّكورُ والإناث، فوَصَفَها بصفةٍ هيَ بيانٌ وتفصيلٌ لكيفيّةِ خَلْقِهم منها. والثاني: أن يُعطَف على (خَلَقَكُم)، ويكون الخطابُ في: (يا أَيُّهَا النَّاسُ) للذين بُعِثَ إليهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. والمعنى: خَلَقَكم مِن نفسِ آدم؛ لأنهم من جُملة الجنسِ المفرَّع منه، وخَلَقَ منها أُمَّكم حوّاء (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً) غيركم من الأمم الفائتة للحَصْر.
فإنْ قلتَ: الذي يَقتضِيه سَدَادُ نظْمِ الكلامِ وجزالتُه أن يُجاء عَقِيبَ الأمرِ بالتقوى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (حواء من ضلع من أضلاعها)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي والدارمي، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "استوصوا بالنساء خيراً، خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج".
قوله: (فوصفها) الفاء للتعقيب، مثلها في قوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) [البقرة: ٥٤] أي: أراد أن يصفها بصفة وهي أنه أنشأها من تراب.. إلى آخره، فوصفها بصفة هي بيان وتفصيل لكيفية خلقهم، فيكون قوله: "أنشأها من تراب" داخلاً في التفصيل، وهو بيان ابتداء حاله. وقوله: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) بيان لغاية أمره مما يتعلق بالتوالد والتناسل وما يتوسط بينهما من سائر الأحوال الغريبة، فهو مقصود مراد؛ لأن الإضمار في أمثال هذه المقامات مؤذن بأن التقرير غير واف بالمقصود، وفي تخصيص الذكر بقوله: (مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) دون اسمه عليه السلام إشعار بتصوير الأطوار والأحوال.
قوله: (لأنهم من جملة الجنس المفرع منه) أي: من آدم؛ فصح أن يقال: خلقكم من نفس آدم وإن وجدت الوسائط.
قوله: (الذي يقتضيه سداد النظم) إلى آخره، توجيهه: أن الأصل في ترتيب