والأرحام، أو أن تُعطف على محلِّ الجارِّ والمجرور، كقولك: مررتُ بزيدٍ وعَمراً، وتنصرُه قراءةُ ابنِ مسعود:
(تساءلون به وبالأرحام)، والجرّ على عطف الظاهر على المضمر، وليس بسديد؛ لأنّ الضمير المتصل متصل كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد؛ فكانا في قولك «مررت به وزيد» و «هذا غلامه وزيد» شديدي الاتصال، فلما اشتدَّ الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة، فلم يجز ووجب تكرير العامل، كقولك: «مررت به وبزيد» و «هذا غلامه وغلام زيد» ألا ترى إلى صحة قولك «رأيتك وزيدًا» و «مررت بزيد وعمرو» لما لم يقو الاتصال؛ لأنه لم يتكرر؟ وقد تمحل لصحة هذه القراءة بأنها على تقدير تكرير الجار ونظيرها قول الشاعر:
فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (متصل كاسمه) هو كقولك للمسمى بـ "شجاع": هو شجاع كاسمه، وقيل: لا زال كاسمه مسعوداً.
قوله: (لتكرره) يعني اجتمع اتصالان؛ أحدهما: أنه ضمير متصل، وثانيهما: أن الجار والمجرور والمضاف مع المضاف إليه كشيء واحد، فصارت الهاء كحرف من الكلمة، فلا يجوز العطف، بخلاف المنصوب؛ لأنه لم يتكرر الاتصال. قال الزجاج: المخفوض كالتنوين في الاسم، فقبح أن يطف باسم يقوم بنفسه على ما لا يقوم بنفسه، قال المازني: كما لا تقول: مررت بزيد و"ك"، فكذلك لا تقول: مررت بك وزيد. وأنشد سيبويه:

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب
قال المصنف: (وقد تمحل)، أي: تكلف وتعسف؛ لأنه إن ارتفع قبح العطف، لكن لزم قبح آخر وهو إضمار الجار، قال السجاوندي: يقال: كيف أصبحت؟ فتقول: خير، أي: بخير، ولو قيل: بأي حال أصبحت؟ فتقول: خير، كان أحسن، فجاز أن تحمل عليه لغة القرآن،


الصفحة التالية
Icon