ولأنهم كانوا يفعلون كذلك؛ فنعي عليهم فعلهم وسمع بهم، ليكون أزجر لهم.
والحوب: الذنب العظيم؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن طلاق أم أيوب لحوب» فكأنه قيل: إنه كان ذنبًا عظيمًا كبيراً. وقرأ الحسن (حُوباً) بفتح الحاء، وهو مصدر حاب، حوبًا. وقرئ: (حابًا). ونظير الحوب والحاب: القول والقال. والطرد والطرد.
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا) ٣].
ولما نزلت الآية في اليتامى وما في أكل أموالهم من الحوب الكبير؛ خاف الأولياء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فخص النهي بالأكل لكونه أقبح الملاذ؛ حتى إذا نفرت النفس بمقتضى الطبع، جر ذلك إلى النفور عن أخذ مال اليتيم بباقي الملاذ، ومثله (لا تَاكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً) [آل عمران: ١٣٠]. ولا يوجد مثل هذه المراعاة إلا في الكتاب العزيز، فالنهي إن خص بالأدنى فللتنبيه على الأعلى، وإن عكس فللتدرب على الانكفاف عن القبيح مطلقاً من الانكفاف عن الأقبح.
قوله: (وسمع بهم). النهاية: يقال: سمعت بالرجل تسميعاً وتسمعة: إذا شهرته ونددت به، وسمع فلان بعمله: إذا أظهره ليسمع"، الجوهري: التسميع: التشنيع.
قوله: ([إن] طلاق أم أيوب لحوب) هو من باب التغليظ.
قوله: (ولما نزلت الآية في اليتامى، وما في أكل أموالهم من الحوب الكبير؛ خاف الأولياء)، فسر هذه الآية بوجوه ثلاثة، وقدر الشرط والجزاء على ما يعطيه الوجه من المعنى:


الصفحة التالية
Icon