(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَاكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَاكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) ٦].
(وَابْتَلُوا الْيَتامى): واختبروا عقولهم، وذوقوا أحوالهم ومعرفتهم بالتصرف، قبل البلوغ
حتى إذا تبينتم منهم رشداً - أي: هداية؛ دفعتم إليهم أموالهم من غير تأخير عن حدّ البلوغ. وبلوغ النكاح. أن يحتلم؛ لأنه يصلح للنكاح عنده، ولطلب ما هو مقصودٌ به وهو التوالد والتناسل.
والإيناس: الاستيضاح؛ فاستعير للتبيين. واختلف في الابتلاء والرشد، فالابتلاء عند أبي حنيفة وأصحابه: أن يدفع إليه ما يتصرف فيه حتى يستبين حاله فيما يجيء منه. والرشد: التهدي إلى وجوه التصرف. وعن ابن عباس: الصلاح في العقل، والحفظ للمال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكل ما سكنت إليه النفس) مبتدأ، وقوله: "فهو معروف" الخبر، والفاء لتضمنه معنى الشرط.
قوله: (رشداً أي: هداية). الراغب: الرشد والرشد: خلاف الغي، يستعمل استمال الهداية، قال تعالى: (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ) [البقرة: ٢٥٦]، (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء: ٦]. وقال بعضهم: الرشد بالفتح أخص، يقال في الأمور الدنيوية والأخروية بالضم، وبالفتح يقال في الأخروية لا غير، والراشد والرشيد يقال فيهما.
قوله: (الاستيضاح فاستعير للتبيين). الجوهري: استوضحت الشيء: إذا وضعت يدك على عينك تنظر هل تراه؟ ثم استعير لاستعمال الفكر في تبين المعنى استعارة محسوس لمعقول، كما استعار له الذوق حيث قال: "وذوقوا أحوالهم"، أي: تبينوا أحوالهم في الرشد تبيناً ظاهراً مكشوفاً كالمحسوس.


الصفحة التالية
Icon