وعند مالك والشافعي: الابتلاء أن يتتبع أحواله وتصرفه في الأخذ والإعطاء، ويتبصر مخايله وميله إلى الدين. والرشد: الصلاح في الدين؛ لأن الفسق مفسدة للمال. فإن قلت: فإن لم يؤنس منه رشدٌ إلى حدّ البلوغ؟ قلت: عند أبى حنيفة رحمه اللَّه ينتظر إلى خمس وعشرين سنة؛ لأن مدة بلوغ الذكر عنده بالسنّ ثماني عشرة سنة، فإذا زادت عليها سبع سنين وهي مدة معتبرة في تغير أحوال الإنسان لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروهم بالصلاة لسبع» دفع إليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس. وعند أصحابه:
لا يدفع إليه أبداً إلا بإيناس الرشد.
فإن قلت: ما معنى تنكير الرشد؟ قلت: معناه نوعا من الرشد؛ وهو الرشد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعند مالك والشافعي: الابتلاء: أن يتتبع أحواله وتصرفه في الأخذ والإعطاء، ويتبصر مخايله وميله إلى الدين)، الانتصاف: مذهب مالك أنه لا يدفع إليهم شيء إلا بعد البلوغ، وهو أحد قولي الشافعي، والآخر يوافق ما قاله الزمخشري، وهو مذهب أبي حنيفة، إلا أن في كيفية ذلك عند الشافعي وجهين: قيل: يباشر العقد بنفسه، وقيل: يساوم ويقرر الثمن، والولي يباشر العقد، والرشد عند مالك في المال، وعند الشافعي في الدين والمال، وحجة من أجاز الابتلاء قبل البلوغ أنه جعل البلوغ غايته؛ فيكون قبله ضرورة مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها.
قوله: (مخايله) جمع مخيلة. النهاية: المخيلة: موضع الخيل، وهو الظن، كالمظنة، والمخيلة: السحابة الخليقة بالمطر، وفي الحديث: كان إذا رأى في السماء اختيالاً تغير لونه، والاختيال: أن يخال فيها المطر.
قوله: (فإن لم يؤنس منه رشد) شرط جزاؤه: كيف الحكم؟ أو: كيف يصنع؟


الصفحة التالية
Icon