ننفق كما نشتهي قبل أن تكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا. ثم قسم الأمر بين أن يكون الوصي غنيا وبين أن يكون فقيراً؛ فالغنى يستعف من أكلها ولا يطمع، ويقتنع بما رزقه اللَّه من الغنى إشفاقا على اليتيم، وإبقاء على ماله. والفقير يأكل قوتا مقدراً محتاطا في تقديره على وجه الأجرة، أو استقراضا على ما في ذلك من الاختلاف ولفظ الأكل بالمعروف والاستعفاف، مما يدل على أن للوصي حقاً لقيامه عليها. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أن رجلا قال له: إن في حجري يتيما أفآكل من ماله؟ قال: «بالمعروف غير
متأثل مالا ولا واق مالك بماله»
، فقال: أفأضربه قال: «مما كنت ضارباً منه ولدك».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ومبادرتكم كبرهم". وإنما عدل عن الفعل في الثاني إلى القول؛ ليؤذن بأنه أقبح وأشنع من الأول مع أنه مستلزم للإسراف أيضاً، وكذا يفهم منه الجمع بين الفعل والقول في مقام الذم، ولا ينعكس.
قوله: (على ما في ذلك من الاختلاف) أي: الاختلاف الذي سيجيء في قوله: "عن محمد بن كعب: ينزل نفسه منزلة الأجير فيما لابد منه... وعن مجاهد: يستسلف، فإذا أيسر أدى" وغير ذلك.
قوله: (وعن النبي ﷺ أن رجلاً قال له) ورواية الحديث عن أبي داود وابن ماجة والنسائي، عن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، قال: "كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل".
النهاية: غير متأثل، أي: غير جامع، يقال: مال مؤثل، ومجد مؤثل، أي: مجموع ذو أصل، وأثلة الشيء: أصله.


الصفحة التالية
Icon