وعن ابن عباس: أنّ وليّ اليتيم قال له: أفأشرب من لبن إبله؟ قال: إن كنت تبغي ضالتها، وتلوط حوضها، وتهنأ جرباها، وتسقيها يوم وردها؛ فاشرب غير مضرّ بنسل، ولا ناهك في الحلب وعنه: يضرب بيده مع أيديهم؛ فليأكل بالمعروف، ولا يلبس عمامة فما فوقها. وعن إبراهيم: لا يلبس الكتان والحلل، ولكن ما سدّ الجوعة ووارى العورة. وعن محمد بن كعب: يتقرّم تقرّم البهيمة، وينزل نفسه منزلة الأجير فيما لا بدّ منه. وعن الشعبي: يأكل من ماله بقدر ما يعين فيه. وعنه:
كالميتة يتناول عند الضرورة ويقضي. وعن مجاهد: يستسلف، فإذا أيسر أدّى. وعن سعيد بن جبير: إن شاء شرب فضل اللبن وركب الظهر ولبس ما يستره من الثياب، وأخذ القوت، ولا يجاوزه فإن أيسر قضاه، وإن أعسر فهو في حلّ. وعن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه: إنى أنزلت نفسي من مال اللَّه منزلة والى اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، وإذا أيسرت قضيت» واستعف أبلغ من عفّ؛ كأنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وتلوط حوضها) أي: تطينها وتصلحها، وأصله من اللوط، وهو اللصوق، ويقال: الولد ألوط بالقلب، أي: ألصق وأعلق، كذا في "النهاية".
قوله: (وتهنأ جرباها) هنأ البعير: طلاه بالهناء، وهو القطران.
قوله: (ولا ناهك) أي: مستقص متبالغ فيه.
قوله: (يضرب بيده)، أي: يأكل الوصي منه كما يأكلون.
قوله: (يتقرم تقرم البهيمة) أي: يأخذ شيئاً قليلاً. الجوهري: قرم الصبي والبهم قرماً وقروماً، وهو أكل ضعيف في أول ما تأكل البهيمة، وأولاد الضأن اسم للمذكر والمؤنث.
قوله: (و"استعف" أبلغ من "عف")؛ لأنه من باب التجريد، كأنه يطلب من نفسه زيادة العفة، كاستنوق الجمل؛ فعلى هذا لا يرد عليه قول صاحب "الانتصاف" وهو بعيد؛ لأن تلك متعدية وهذه قاصرة، والظاهر أن هذه فيما جاء فيه فعل واستفعل بمعنى.


الصفحة التالية
Icon