يخشوا اللَّه فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى، ويشفقوا عليهم، خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافًا وشفقتهم عليهم، وأن يقدّروا ذلك في أنفسهم، ويصوّروه حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة. ويجوز أن يكون المعنى: وليخشوا على اليتامى من الضياع. وقيل: هم الذين يجلسون إلى المريض فيقولون: إن ذريتك لا يغنون عنك من اللَّه شيئا، فقدم مالك، فيستغرقه بالوصايا، فأمروا بأن يخشوا ربهم، أو يخشوا على أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولاد أنفسهم لو كانوا، ويجوز أن يتصل بما قبله وأن يكون أمراً للورثة بالشفقة على الذين يحضرون القسمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم) الفاء فيه كالفاء في قوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) [البقرة: ٥٤].
قوله: (خوفهم على ذريتهم.. وشفقتهم عليهم) نشر لما لف عند قوله: "فيخافوا ويشفقوا"، أي: فيخافوا خوفهم ويشفقوا شفقتهم.
قوله: (وأن يقدروا ذلك) المشار إليه: (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ) [النساء: ٩]، وهو عطف على "يخشوا" على سبيل البيان. قال أبو البقاء: (مِنْ خَلْفِهِمْ) يجوز أن يكون ظرفاً لـ (تَرَكُوا)، أو حالاً من (ذُرِّيَّةً)، و (خَافُوا) جواب (لَوْ) ومعناه: إن.
قوله: (وليخشوا على اليتامى من الضياع) أمر الأوصياء أولاً بالخشية من التورط في أكل أموال اليتامى، وثانياً: بالتحرج عن حفظها تأثماً، فضيعوا لذلك، وقد ألمح إلى الوجهين في قوله تعالى: (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) [النساء: ٢].
قوله: (وقيل: هم الذي يجلسون إلى المريض) عطف على قوله: "والمراد بهم الأوصياء".
قوله: (ويجوز أن يتصل بما قبله) أي: بقوله: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) [النساء: ٨] فهو أمر للورثة، وعلى الوجه الأول متصل بقوله: