أعطوهما حكم الجماعة، والذي يعلل به قولهم: أن قوله: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)، فإن كان الأول يأبى دخول الاثنين في حكم الجماعة؛ فكذلك الثاني، وقلت: قوله: "أبى تنزيلهما منزلة الجماعة" لقوله: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) وبين قوله: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً)؛ لأن خبر الأول موصوف بصفة مؤكدة وهي (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ)) لدفع ما عسى أن يتوهم متوهم أن (نِسَاءً) قد يراد بها الاثنتان، ولا كذلك خبر الثاني وهو (وَاحِدَةً)؛ فإنه عار عن القيد، فالأولى يأبى إلحاق الاثنين به، والثاني لا يمنع، ثم نقول: ليس حكم الاثنين حكم الجماعة للصارف، وليس ثم ما يدل على حكمهما ظاهراً، ولا يمنع حكم الواحدة من الإلحاق به، فوجب الإلحاق، وإليه الإشارة بقوله: "فأعطاهما حكم الواحدة"، ثم قال: "وهو ظاهر مكشوف" والفاء في "فأعطاهما" مؤذنة بهذا التقرير.
قوله: (والذي يعلل به قولهم) إلى آخره: قيل: فيه نظر؛ لأنه ذكر قبل هذا أن قوله: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) [النساء: ١١]، بيان حال الاجتماع لا الانفراد، أي: إذا اجتمع الذكر والأنثيان، وإذا كان التقدير كما ذكر فكيف يصح أن يقال: علم منه أن للذكر حينئذ الثلثين، فإنه ليس له الثلثان. وأيضاً، فحال الانفراد مخالف لحال الاجتماع، والجواب عنه: أن كلامه مبني على دلالة إشارة النص وعبارته؛ لقوله: "وإن كان مسوقاً"، يعني قوله: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)، "وإن كان مسوقاً لبيان حظ الذكر، إلا أنه لما فقه منه وتبين حظ الأنثيين كان كأنه مسوق للأمرين جميعاً".
قال البزدوي: إشارة النص: هو العمل بما يثبت بنظمه لغة لكنه غير مقصود ولا سيق له النص وليس بظاهر من كل وجه. وروى الزجاج، عن المبرد، [وكذا] عن ابن إسحاق القاضي أنه قال: في الآية دليل على أن للبنتين الثلثين؛ لأنه إذا قال: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ


الصفحة التالية
Icon