فلهن ما للأنثيين؛ وهو الثلثان لا يتجاوزنه لكثرتهن؛ ليعلم أن حكم الجماعة حكم الثنتين بغير تفاوت. وقيل: إن البنتين أمس رحمًا بالميت من الأختين؛ فأوجبوا لهما ما أوجب اللَّه للأختين، ولم يروا أن يقصروا بهما عن حظ من هو أبعد رحما منهما. وقيل: إن البنت لما وجب لها مع أخيها الثلث كانت أحرى أن يجب لها الثلث إذا كانت مع أخت مثلها، ويكون لأختها معها مثل ما كان يجب لها ـ أيضا ـ مع أخيها لو انفردت معه، فوجب لهما الثلثان (وَلِأَبَوَيْهِ) الضمير للميت، و (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا) بدل من (لِأَبَوَيْهِ) بتكرير العامل. وفائدة هذا البدل: أنه لو قيل: ولأبويه السدس؛ لكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: إن البنتين) عطف على قوله: "والذي يعلل به قولهم" يعني: فقد أعطوهما حكم الجماعة: إما بطريقة الاستنباط من الآية، أو القياس على الأختين أو على البنت مع أخيها؛ بيانه ما قال الإمام: إنه تعالى ذكر في الآية حكم الواحدة من البنات، وحكم الثلاث فما فوقهن، ولم يذكر حكم الثنتين، وقال في شرح ميراث الأخوات: (إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء: ١٧٦] وها هنا ذكر ميراث الأخت الواحدة والاثنتين ولم يذكر ميراث الأخوات الكثيرات، فصار كل واحدة من هاتين الآيتين مجملاً من وجه، ومبيناً من وجه؟ فنقول: لما كان نصيب الأختين الثلثين كانت البنتان أولى بهما؛ لأنهما أقرب منهما، ولما كان نصيب البنات الكثيرات لا يزداد على الثلثين وجب ألا يزداد نصيب الأخوات على ذلك؛ لأن البنت أشد اتصالاً من الأخت، فوجب ألا يكون حكمها أضعف.
قوله: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) بدل من (لأبَوَيْهِ) بتكرير العامل)، الانتصاف: الأولى أن يقدر المبتدأ، والمعنى: لأبويه الثلث، ثم يفصل بقوله: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ).
ودل التفصيل على المبتدأ المحذوف، ويستقيم على هذا جعله من بدل التقسيم، كقولك: الدار لثلاثة: لزيد ثلثها، ولعمرو ثلثها، ولبكر ثلثها، ولا يستقيم هذا إذا لم يقدر المبتدأ.