ظاهره اشتراكهما فيه. ولو قيل: ولأبويه السدسان؛ لأوهم قسمة السدسين عليهما على التسوية وعلى خلافها. فإن قلت: فهلا قيل: ولكل واحد من أبويه السدس! وأي فائدة في ذكر الأبوين أوّلا، ثم في الإبدال منهما؟ قلت: لأنّ في الإبدال والتفصيل بعد الإجمال تأكيدًا وتشديدًا، كالذي تراه في الجمع بين المفسر والتفسير. و (السدس): مبتدأ، وخبره: (لِأَبَوَيْهِ). والبدل متوسط بينهما للبيان.
وقرأ الحسن ونعيم بن ميسرة (السُّدُسُ) بالتخفيف، وكذلك الثلث، والربع، والثُّمن. والولد: يقع على الذكر والأنثى، ويختلف حكم الأب في ذلك: فإن كان ذكراً اقتصر بالأب على السدس، وإن كانت أنثى عُصِّبَ مع إعطاء السُّدس. فإن قلت: قد بين حكم الأبوين في الإرث مع الولد ثم حكمهما مع
عدمه، فهلا قيل: فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث! وأي فائدة في قوله: (وَوَرِثَهُ أَبَواهُ)؟ قلت:
معناه: فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فحسب، فلأمه الثلث مما ترك، كما قال: (لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ)؛ لأنه إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين، كان للأم ثلث ما بقي بعد إخراج نصيب الزوج، لا ثلث ما ترك، إلا عند ابن عباس. والمعنى: أن الأبوين إذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ("السدس" بالتخفيف). قال الزجاج: يجوز تخفيف هذه الأشياء لثقل الضم، ومن زعم أن الأصل التخفيف فثقل فخطأ؛ لأن الكلام مطلوب منه التخفيف.
قوله: (لا ثلث ما ترك إلا عند ابن عباس)، الانتصاف: مذهب ابن عباس أن الإخوة يأخذون السدس الذي حجبوا الأم عنه مع وجود الأب، فيقيد قوله: (وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ) [النساء: ١١] الاحتراز مما لو كان معهما إخوة فلها السدس، كأنه قال: إن لم يكن له إخوة فلأمه الثلث، وإن كانوا فلها السدس، وابن عباس لا يرى التقييد بعدم الزوجين؛ لأن ثلث الأم عنده لا يتغير بهما.