كثير من القبائح (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ): قيل: معناه: فخلدوهن محبوساتٍ في بُيوتكم، وكانَ ذلك عقوبتهن في أول الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي... ) الآية [النور: ٢]، ويجوز أن تكون غير منسوخة بأن يترك ذكر الحدّ؛ لكونه معلوما بالكتاب والسنة، ويوصى بإمساكهن في البيوت، بعد أن يحددن؛ صيانة لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروج من البيوت والتعرض للرجال (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا): هو النكاح الذي يستغنين به عن السفاح. وقيل: السبيل هو الحد؛ لأنه لم يكن مشروعًا ذلك الوقت. فإن قلت: ما معنى (يَتَوفَّاهُنَّ المَوتُ) ـ والتوفي والموت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فخلدوهن محبوسات في بيوتكم)، فسر "أمسكوهن" بمعنى الحبس، ثم وضع "خلدوهن" مكان "أحبسوهن" باستعانة قوله: (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) حيث جعل الموت غاية للإمساك في البيوت.
قوله: (ويوصى بإمساكهن في البيوت)، ومنه ما روى أبو داود والنسائي، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي امرأة لا ترد يد لامس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "طلقها"، فقال: إني أحبها، وهي جميلة، قال: "فأمسكها إذاً".
النهاية: قيل: معنى "لا ترد يد لامس": إجابتها لمن أرادها، وخاف النبي ﷺ إن هو أوجب عليه طلاقها أن تتوق نفسه إليها فيقع في الحرام، وقيل: معناه: أنها تعطي من ماله من يطلب منها، وهذا أشبه. قال أحمد: لم يكن ليأمره بإمساكها وهي تفجر.
وقلت: إذا حمل الحديث على معنى الآية لم يحتج إلى مثل هذا التأويل البعيد.


الصفحة التالية
Icon