واجب على اللَّه تعالى لهؤلاء. (بِجَهالَةٍ): في موضع الحال، أي: يعملون السوء جاهلين سفهاء؛ لأنَّ ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه والشهوة، لا مما تدعو إليه الحكمة والعقل. وعن مجاهد: من عصى اللَّه فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته (مِنْ قَرِيبٍ): من زمانٍ قريب. والزمان القريب:
ما قبل حضرة الموت، ألا ترى إلى قوله: (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) فبين أنّ وقت الاحتضار هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة فبقي ما وراء ذلك في حكم القريب. وعن ابن عباس: قبل أن ينزل به سلطان الموت. وعن الضحاك: كل توبة قبل الموت فهو قريب. وعن النخعي: ما لم يؤخذ بكظمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالواجب قيل: وجب على الله، مجازاً. فقوله: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) إعلام بأن الله يقبل التوبة على سبيل التفضل، وقوله: (فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) إخبار بأن الله تعالى سيفعل ذلك. أو أن قوله: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) معناه: إنما الهداية إلى التوبة والإرشاد إليها، وقوله: (فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) إخبار بقبول التوبة، هذا هو الجواب على السؤال الآتي.
وأما قول المصنف: "كما يجب على العبد بعض الطاعات" قياساً على أنه تعالى يلام على الترك؛ فقياس من غير جامع.
الانتصاف: هذا مما تقشعر منه الجلود، ومن لطف الله تعالى أن حاكي البدعة ليس بمبتدع، ووجهه عندنا: أن الله تعالى وعدنا قبول التوبة بشروطها، ووقوع الموعود به واجب لصدق الخبر، فكل ما ورد من صيغ الوجوب فهو منزل على وجوب صدق الوعد، وقولنا: صدق الخبر واجب، كقولنا: وجود الله واجب.
قوله: (ما لم يؤخذ بكظمه). الكظم، بفتحتين: مجرى النفس. الجوهري: أخذت بكظمه أي: بمخرج نفسه.
الراغب: يقال: أخذ بكظمه، والكظوم: احتباس النفس، ويعبر به عن السكوت،


الصفحة التالية
Icon