ومات وهو لم يحدث نفسه بالتوبة؛ حاله قريبة من حال الكافر؛ لأنه لا يجترئ على ذلك إلا قلب مصمت.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَاتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) ١٩].
(يَا أَيُّهَا الَّذينَ) كانوا يبلون النساء بضروب من البلايا ويظلمونهن بأنواع من الظلم، فزجروا عن ذلك: كان الرجل إذا مات له قريب من أب أو أخ أو حميم عن امرأة، ألقى ثوبَه علَيها وقال أنا أحقُّ بها من كلّ أحد، فقيل (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) أي: أن تأخذوهنَّ على سبيل الإرثِ كما تُحاز المواريثُ وهن كارهات لذلك: أو مكرهات. وقيل: كان يمسكها حتى تموت، فقيل: لا يحل لكم أن تمسكوهنّ حتى ترثوا منهنَّ وهنّ غير راضيات بإمساككم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قلب مصمت)، الأساس: صمت الرجل وأصمت وأصمته وصمته. وقفل مصمت: قد أبهم إغلاقه. وقال:
ومن دون ليلى مصمتات المقاصر
قوله: (كان الرجل إذا مات له قريب) وما عطف عليه، وقوله: "وكان الرجل إذا تزوج"، وقوله: "وكانوا يسيئون معاشرة النساء"، وقوله: "وكان الرجل إذا طمحت عينه"، وقوله: "وكانوا ينكحون روابهم" بيان وتفصيل لما أبهم وأجمل بقوله: "وكانوا يبلون النساء بضروب من البلايا"، والمعطوفات على الترتيب تفسير للآيات المتلوات، أولها قوله: (لا يَحِلُّ لَكُمْ) [النساء: ١٩] إلى آخر الآية، إلى قوله: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) الآية [النساء: ٢٢].
قوله: (حتى ترثوا منهن) معنى قوله تعالى: (أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ) [النساء: ١٩]، يجوز حمله على: يرثوا أنفسهن كما يأخذون المواريث، أو على: أن يرثوا أموالهن.


الصفحة التالية
Icon