وقد نَزَّل اللَّه الرضاعة منزلة النسب، حتى سمى المرضعة أمّا للرضيع، والمراضعة أختًا، وكذلك زوج المرضعة أبوه وأبواه جداه، وأخته عمته، وكل ولد وُلد له من غير المرضعة قبل الرضاع وبعده فهم إخوته وأخواته لأبيه، وأم المرضعة جدّته، وأختها خالته، وكل من ولد لها من هذا الزوج فهم إخوته وأخواته لأبيه وأمه، ومن ولد لها من غيره فهم إخوته وأخواته لأمه، ومنه قوله صلى اللَّه عليه وسلم «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» وقالوا: تحريم الرضاع كتحريم النسب إلا في مسألتين: إحداهما: أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج أخت ابنه من النسب ويجوز أن يتزوّج أخت ابنه من الرضاع؛ لأن المانع في النسب وطؤه أمَّها، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع؛ والثانية: لا يجوز أن يتزوج أم أخيه من النسب، ويجوز في الرضاع؛ لأن المانع في النسب وطء الأب إياها، وهذا المعنى غير موجود في الرضاع.
(مِنْ نِسائِكُمُ) متعلقٌ بربائبكم. ومعناه أن الربيبة من المرأة المدخول بها محرمة على الرجل، حلال له إذا لم يدخل بها. فإن قلت: هل يصح أن يتعلق بقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) الحديث، أخرجه الترمذي عن علي رضي الله عنه. قال القاضي: استثناء أخت ابن الرجل وأم أخيه من الرضاع من هذا الأصل ليس بصحيح؛ فإن حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب. تم كلامه.
وقيل: يلحق بهما الحفدة، كما لو أرضعت أجنبية ولد ولدك: لم تحرم عليك، فلو كانت من النسب لحرمت؛ لأنها زوجة ابنك أو بنتك، وكذا الجدة كما لو أرضعت أجنبية ولدك ولها أم؛ فإنها جدة الولد من الرضاع ولم تحرم، ولو كانت من النسب لحرمت؛ لأنها أمك أو أم زوجتك.


الصفحة التالية
Icon