النساء مبهم دون تحريم الربائب، على ما عليه ظاهر كلام اللَّه تعالى وقد روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم في رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها أنه قال «لا بأس أن يتزوج ابنتها، ولا يحل له أن يتزوج أمها» وعن عمر وعمران بن الحصين رضي اللَّه عنهما: أن الأم تحرم بنفس العقد. وعن مسروق: هي مرسلة فأرسلوا ما أرسل اللَّه. وعن ابن عباس: أبهموا ما أبهم اللَّه، إلا ما روى عن على وابن عباس وزيد وابن عمر وابن الزبير: أنهم قرءوا: وأمّهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن. وكان ابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وألطف منه ما يعزى إلى الإمام: أن البنت إذا أبدلت بالأم وأوثرت عليها لم يلحقها المشقة والغيرة ما يلحق البنت إذا أوثرت الأم عليها؛ لشفقة الأم وحنوها، وأنشد في المعنى لأبي الطيب:

إنما أنت والد والأب القا طع أحنى من واصل الأولاد
فإن قلت: كيف يستقيم قولك: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) متصلات بـ (نِسَائِكُمْ)؟ قلت: على أن يكون حالاً، أي: متصلات بـ (نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)؛ فيكون قيداً للمطلق؛ لأن اتصالهن بهن سبب لقيدهن. وأما الزجاج فلم يجوز مثل هذا النحو، أي: أن يكون (مِنْ نِسَائِكُمْ) متعلقاً بالأمهات والربائب، وإن كانت اتصالية، قال: لا يجيز النحويون: مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات، على أن تكون "الظريفات" نعتاً لهؤلاء ولهؤلاء، والجيد أن أمهات نسائكم من تمام التحريمات المبهمات، والربائب هن اللاتي يحللن إذا لم يدخل بأمهاتهن فقط دون أمهات نسائكم.
قوله: (إلا ما روي عن علي)، قيل: استثناء من قوله: "اتفقوا"، وقلت: التقدير: اتفق آراء العلماء على التحريم بناءً على القراءة المشهورة، لكن رويت قراءة مخالفة لها عن الصحابة، وهي شاذة؛ فلا يعمل بها وتترك المشهورة.


الصفحة التالية
Icon