فرجح على التحريم، وعثمانُ التحليل. (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله: (إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك. فخرج من عنده فلقي رجلاً من الصحابة فسأله عنه فقال: أما أنا فلو كان لي من الأمر شيء لم أجد أحداً فعل ذلك إلا جعلته نكالاً. قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قوله: (وعثمان) أي: رجح عثمان رضي الله عنه جانب التحليل لقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء: ٢٤] وقوله تعالى: (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) [المعارج: ٣٠]. قال القاضي: قول علي أرجح؛ لأن آية التحليل مخصوصة في غير ذلك. وقيل: الاحتياط الترك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ولأن الأصل في الأبضاع الحرمة، ولأنه ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام على الحلال.
قوله: (ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً)) يريد أن الاستثناء منقطع، وتحقيقه ما ذكره أبو البقاء في الآية السابقة: (مَا) في (مَا قَدْ سَلَفَ) مصدرية، والاستثناء منقطع؛ لأن النهي للمستقبل، وما سلف ماض فلا يكون من جنسه، وهو في موضع نصب، ومعنى المنقطع أنه لا يكون داخلاً في الأول، بل في حكم المستأنف، وتقدر "إلا" فيه بـ "لكن"، أي: لا تتزوجوا من تزوجه آباؤكم، لكن ما سلف من ذلك فمعفو عنه، نحو قولك: ما مررت برجل إلا بامرأة، أي: لكن بامرأة، والغرض منه بيان معنى زائد؛ لأن قولك: ما مررت برجل صريح في نفي المرور برجل ما، غير متعرض لإثبات المرور بامرأة أو نفيه، فإذا قلت: بامرأة، كان إثباتاً لمعنى مسكوت عنه غير معلوم