فإن قلت: هل يجوز أن يكون صفة للمنفي، كأنه قيل: لا إله قائماً بالقسط إلا هو؟ قلت: لا يبعد، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف. فإن قلت: قد جعلته حالا من فاعل (شهد)، فهل يصح أن ينتصب حالا عن (هو) في: (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)؟ قلت: نعم؛ لأنها حال مؤكدة، والحال المؤكدة لا تستدعي أن يكون في الجملة التي هي زيادة في فائدتها عامل فيها، كقولك: أنا عبد اللَّه شجاعاً،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: لا حلي عليهن، شعثاً: جمع شعثاء، وهي التي لا تسرح شعرها ولا تغسله، ومراضيع: يحتمل أن يكون جمع "مرضاع": وهي كثيرة الإرضاع، وأن يكون جمع "مرضع"، والسعالي: جمع سعلاة، وهي أخبث الغيلان، ونصب "شعثاً" على الترحم بفعل مضمر، أو على الذم، وأتى بالواو ليدل على كمال ذمها وسوء حالها، كأنه قيل: ويأوي إلى نسوة عطل وأذم شعثاً، وفي تخصيص مراضيع تتميم للذم، ومن ثم قيل: فلانة تأكل من ثدييها.
قوله: (والحال المؤكدة لا تستدعي) أي: الحال المؤكدة لا توجب أن يكون عاملها مستقراً في الجملة التي الحال زيادة في فائدتها، بل إن كان في الجملة عامل جاز، كقوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ)، وإن لم يكن فيها عامل، كقولك: أنا عبد الله شجاعاً أيضاً: جاز، وظهر من هذا أن الحال المؤكدة ليس بلازم أن يكون مجيئها على إثر جملة عقدها من اسمين لا عمل لهما فيها كما في "المفصل"؛ لأن ذلك شرط، فحذف عاملها على سبيل الوجوب.


الصفحة التالية
Icon