وكذلك لو قلت: لا رجل إلا عبد اللَّه شجاعاً، وهو أوجه من انتصابه عن فاعل (شهد)، وكذلك انتصابه على المدح. فإن قلت: هل دخل قيامه بالقسط في حكم شهادة اللَّه والملائكة وأولي العلم كما دخلت الوحدانية؟ قلت: نعم إذا جعلته حالاً من (هو)، أو نصباً على المدح منه، أو صفة للمنفي، كأنه قيل: شهد اللَّه والملائكة وأولو العلم أنه لا إله إلا هو، وأنه قائمٌ بالقسط.
وقرأ عبد اللَّه: (القائم بالقسط)، على أنه بدل من (هو)، أو خبر مبتدأٍ محذوف، وقرأ أبو حنيفة:
(قيما بالقسط) (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ): صفتان مقرّرّتان لما وصف به ذاته من الوحدانية والعدل، يعنى: أنه العزيز الذي لا يغالبه إلهٌ آخر، الحكيم الذي لا يعدل عن العدل في أفعاله، فإن قلت: ما المراد بأولي العلم الذين عظمهم هذا التعظيم؛ حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله؟ قلت: هم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة، والبراهين القاطعة، وهم علماء العدل والتوحيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو البقاء: (قَائِماً) حال من (هُوَ)، والعامل فيه معنى الجملة، أي: يفرد قائماً، وقيل: هو حال من اسم الله أي: شهد لنفسه بالوحدانية، وهي حال مؤكدة على الوجهين.
قوله: (وهو أوجه) أي: جعل (قَائِماً) حالاً من (هُوَ) أوجه، قال صاحب "التقريب": وهو أوجه، أي: من انتصاب (قَائِماً) عن فاعل (شَهِدَ) ومن انتصابه على المدح عنه للقرب، ولكون القيام بالقسط مشهوداً عليه كالتوحيد، وللاستغناء عن عذر تنكير المدح، وإنما يكون مشهوداً عليه إذا جعل حالاً من (هُوَ) أو نصباً على المدح أو صفة للمنفي، كأنه قيل: شهدوا أنه لا إله إلا هو وأنه قائم بالقسط، وظاهر كلام المصنف أن انتصابه على المدح أوجه من أن يكون حالاً من فاعل (شَهِدَ) لدخوله في حكم أنه من شهادة الله والملائكة وأولي العلم.


الصفحة التالية
Icon