وقرئ: (أنه) بالفتح، و (إِنَّ الدِّينَ) بالكسر على أنّ الفعل واقع على (أنه) بمعنى: شهد اللَّه على أنه، أو: بأنه، وقوله: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ) جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى، فإن قلت: ما فائدة هذا التوكيد؟ قلت: فائدتها أن قوله: (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) توحيد، وقوله: (قائِماً بِالْقِسْطِ) تعديل، فإذا أردفه قوله: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ) فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد، وهو الدين عند اللَّه، وما عداه فليس عنده في شيء من الدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (و (إِنَّ الدِّينَ) بالكسر) أي: قرئ بالكسر، قرأها الجماعة إلا الكسائي فإنه قرأها بالفتح، قال القاضي: من فتح جعله بدلاً من (أَنَّهُ): بدل الكل إن فسر الإسلام بالإيمان، وبدل الاشتمال إن فسر بالشريعة، ومن كسر (إنه) وفتح "أن" أوقع الفعل على الثاني وجعل بينهما اعتراضاً، أو أجرى (شَهِدَ) مجرى "قال" تارة، ومجرى "علم" أخرى، لتضمنه معناهما.
قوله: (جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى) أي: مذيلة معترضة، على أسلوب قوله تعالى: (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) [النساء: ١٢٥]، وإنما كانت مذيلة لأن الشهادة بالوحدانية وبالعدل والعزة والحكمة هي أس الدين وقاعدة الإيمان، ولاشك أن الدين أعم من الاعتقاد الذي هو التصديق، ثم إن التذييل صدر بـ (إِنَّ) وخصص بقوله: (عِنْدَ اللَّهِ) وهو كناية عن رفعة المنزلة، ثم التعريف في الخبر، الذي هو (الإِسْلامَ)، جاء لقصر المسند على المسند إليه، قال أبو البقاء: (عِنْدَ اللَّهِ): ظرف، والعامل فيه (الدِّينَ) وليس بحال؛ لأن "إن" لا تعمل في الحال.
قوله: (فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد، وهو الدين عند الله، وما عداه فليس عنده في شيء من الدين) يريد أن قوله: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) يدل على إثبات التوحيد،


الصفحة التالية
Icon