وعن الحسن وقتادة: كتاب اللَّه: القرآن؛ لأنهم قد علموا أنه كتاب اللَّه لم يشكوا فيه (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب اللَّه واجب، (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم. وقرئ: (ليحكم) على البناء للمفعول. والوجه أن يراد ما وقع من الاختلاف والتعادي بين من أسلم من أحبارهم وبين من لم يسلم: وأنهم دعوا إلى كتاب اللَّه الذي لا اختلاف بينهم في صحته وهو التوراةـ ليحكم بين المحق والمبطل منهم، (ثم يتولى فريق منهم) وهم الذين لم يسلموا؛ وذلك أنّ قوله: (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) يقتضي أن يكون اختلافا واقعا فيما بينهم، لا فيما بينهم وبين رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (ذلِكَ) التولي والإعراض بسبب تسهيلهم على أنفسهم أمر العقاب وطمعهم في الخروج من النار بعد أيام قلائل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحسن وقتادة: كتاب الله: القرآن"، عطف على قوله: "إلى كتاب الله، وهو التوراة"، وقوله: "والوجه أن يراد ما وقع من الاختلاف" عطف على قوله: "وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: كان الاختلاف بين رسول الله ﷺ وبين اليهود، أو بين أهل الكتاب من الذين أسلموا ومن الذين لم يسلموا، وإنما كان هذا أولى الوجوه لأن الضمير في قوله: (لِيَحْكُمَ) للتوراة، وفي (بَيْنَهُمْ) لأهل الكتاب، وإنما تحكم التوراة بينهم إذا وقع الاختلاف والمخاصمة بينهم، يؤيده إيقاع قوله: وذلك أن قوله: (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) تعليلاً لكون هذا الوجه أوجه.
قوله: (وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم) إشارة إلى أن قوله: (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) جملة معترضة على رأيه، أو تذييل على رأي الأكثر، وأياً ما كان فهي مؤكدة لمعنى ما سبق لا حال كما ذكره القاضي، نعم إنما يكون حالاً إذا لم يفسر بأنهم قوم عادتهم الإعراض.