وبدخول حرف النداء عليه وفيه لام التعريف، وبقطع همزته في (يا اللَّه)، وبغير ذلك، (مالِكَ الْمُلْكِ) أي: تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرّف الملاك فيما يملكون. (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) تعطى من تشاء النصيب الذي قسمت له واقتضته حكمتك من الملك، (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) النصيب الذي أعطيته منه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو علي: قول سيبويه عندي أصح؛ لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد (اللهم)، ولذلك خالف سائر الأسماء، ودخل في حيز ما لا يوصف، نحو: حيهل، فإنهما صارا بمنزلة صوت مضموم إلى اسم فلم يوصف.
وقلت: هو ضعيف، فإن نحو "سيبويه" و"خالويه" يوصف مع انضمام اسم الصوت.
قوله: (وبغير ذلك)، قيل: كتفخيم لامه، وكاختصاصه بالله، فلا يطلق على غيره.
قوله: (تملك جنس الملك فتتصرف فيه تصرف الملاك)، فيه نوع تجوز، قال الراغب: الملك هو: التصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الإنسان، ولهذا يقال: ملك الناس، ولا يقال: ملك الأشياء، والملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك تولى أو لم يتول، فمن الأول: (الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا) [النمل: ٣٤]، ومن الثاني: (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) [المائدة: ٢٠] فجعل النبوة مخصوصة والملك فيهم عاماً، فإن معنى الملك ها هنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة، لأن جعلهم كلهم متولين للأمر خلاف الحكمة ومنافيها، كما قيل: لا خير في كثرة الرؤساء، قال تعالى: (قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ). فالملك: ضبط الشيء المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس له، فكل مُلْكٍ مِلْكٌ وليس كل مِلك مُلكاً، والأظهر في الآية أنه يعني الملك الحقيقي، لقوله: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ) [البقرة: ٢٤٧] فأضافه إلى نفسه تعظيماً، وملكه المطلق هو الملك الإلهي الذي لا جور فيه، ولهذا قرنه بالعز والذل، ونبه