عن الحكمة والمصلحة؛ فهو خير كله، كإيتاء الملك ونزعه. ثم ذكر قدرته الباهرة بذكر حال الليل والنهار في المعاقبة بينهما، وحال الحيّ والميت في إخراج أحدهما من الآخر، وعطف عليه رزقه بغير حساب؛ دلالة على أنّ من قدر على تلك الأفعال العظيمة المحيرة للأفهام، ثم قدر أن يرزق بغير حساب من يشاء من عباده؛ فهو قادر على أن ينزع الملك من العجم ويذلهم، ويؤتيه العرب ويعزهم، وفي بعض الكتب المنزلة: أنا اللَّه ملك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، فإن العباد أطاعوني جعلتهم لهم رحمة، وإن العباد عصوني جعلتهم عليهم عقوبة، فلا تشتغلوا بسب الملوك، ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم. وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كما تكونوا يولى عليكم"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (دلالة على أن من قدر) مفعول له لقوله: "ثم ذكر قدرته"، يعني: لما أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلوات الله وسلامه عليه بأن يجيب عن قول الكفار: هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم بقوله: (قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ) الآية، أتى بجملة مستأنفة مشتملة على بيان الموجب، وذكر فيها ما يثبت به ذلك الوعد، وهو قدرته الباهرة في الآفاق والأنفس، وفي التصرف فيهما من حال الليل والنهار، ومن حال إخراج الحي من الميت، ومن فيضان جوده فيهما بتخصيص الرزق الواسع بمن يشاء، ليشير به إلى سهولة إنجاز هذا الوعد، وإذا كان مالك الملك والمعطي والمانع والرزاق هو الله، فأنتم أيها المؤمنون لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
قوله: (وفي بعض الكتب المنزلة: أنا الله ملك الملوك) الحديث، رواه أبو نعيم الأصفهاني في كتاب "حلية الأولياء" عن أبي الدرداء، عن رسول الله ﷺ مع تغيير يسير في الألفاظ.
قوله: (كما تكونون يولى عليكم) أوله: "أعمالك عمالكم".


الصفحة التالية
Icon