(لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) ٢٨]
نهوا أن يوالوا الكافرين لقرابة بينهم أو صداقة قبل الإسلام، أو غير ذلك من الأسباب التي يتصادق بها ويتعاشر، وقد كرّر ذلك في القرآن: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: ٥١]، (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [المائدة: ٥٠]، (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)... الآية [المجادلة: ٢٢] والمحبة في اللَّه والبغض في اللَّه باب عظيم، وأصل من أصول الإيمان (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) يعنى: أن لكم في موالاة المؤمنين مندوحة عن موالاة الكافرين؛ فلا تؤثروهم عليهم، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ): ومن يوال الكفرة فليس من ولاية اللَّه في شيء، يقع عليه اسم الولاية،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والمحبة في الله والبغض في الله باب عظيم)، روينا عن الترمذي، عن معاذ بن أنس، أن النبي ﷺ قال: "من أعطى لله، ومنع لله، وأحب لله، وأبغض لله، فقد استكمل بيانه".
قوله: (مندوحة)، الأساس: ندحت المكان ندحاً: وسعته، ولك في هذه الدار منتدح: متسع، ولك عنه مندوحة: أي: سعة.
قوله: (يقع عليه اسم الولاية) صفة لقوله: (شَيْءٍ) المذكور في الكتاب، وفيه إشارة إلى أن (مِنَ) في التنزيل بيانية، و (فِي شَيْءٍ) خبر "ليس"، قال أبو البقاء: التقدير: فليس في شيء من دين الله في موضع نصب على الحال، لأنه صفة النكرة قدمت عليها.


الصفحة التالية
Icon