يعني أنه منسلخ من ولاية اللَّه رأساً، وهذا أمر معقول؛ فإنّ موالاة الوليّ وموالاة عدوّه متنافيان، قال:
تَوَدُّ عَدُوِّي ثُمَّ تَزْعُمُ أَنَّنِي صدِيقُكَ! لَيْسَ النَّوْكُ عَنْكَ بِعَازِبِ
(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً): إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، وقرئ: (تقية)، قيل للمتقى تقاة وتقية، كقولهم: ضرب الأمير؛ لمضروبه، رخص لهم في موالاتهم إذا خافوهم، والمراد بتلك الموالاة مخالقة.........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: سلب ذوات من يوالي الكافرين عن أن يكونوا مستقرين في شيء من المكان الذي هو من ولاية الله، فيلزم كناية أنهم منسلخون من ولاية الله رأساً كما قال: إنه منسلخ من ولاية الله رأساً، وإنما قدرنا مكاناً، لأن (فِي شَيْءٍ) ظرف مكان ها هنا.
قوله: (تود عدوي) البيت قبله:
فليس أخي من ودني رأي عينه | ولكن أخي من ودني في المغايب |
قوله: (أمراً يجب اتقاؤه) وضع موضع (تُقَاةً) ليشير إلى أنه مصدر أقيم مقام المفعول به، لقوله بعيد هذا: "وينتصب (تُقَاةً) أو (تقية) على المصدر"، و (مِنْهُمْ): حالٍ، و (مِنَ): ابتدائية.
قوله: (والمراد بتلك الموالاة) أي: الموالاة المستثناة.
قوله: (مخالقة)، قال في "الأساس": وله خلق حسن وخليقة، وهي: ما خلق عليه من طبيعته، وتخلق بكذا، وخالق الناس ولا تخالفهم، الجوهري: يقال: خالص المؤمن وخالق الفاجر.