ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء، وانتظار زوال المانع من قشر العصا، كقول عيسى عليه الصلاة والسلام: كن وسطا وامش جانباً (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) فلا تتعرضوا لسخطه بموالاة أعدائه، وهذا وعيد شديد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من قشر العصا) من بيان زوال المانع، قال "الميداني": قشرت له العصا، يضرب في خلوص الود، أي: أظهرت له ما كان في نفسي، ويقال أيضاً: اقشر له العصا، أي: كاشفه وأظهر له العداوة، فعلى هذا "من" متعلق بالمانع، وهذا أقرب إلى مراد المصنف.
قوله: (كن وسطاً وامش جانباً) أي: ليكن جسدك مع النسا وقلبك في حظيرة القدس.
قوله: (وعيد شديد). قال القاضي: وهو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهي في القبح، وذكر النفس ليعلم أن المحذر منه: عقاب يصدر منه، فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة.
وقال الإمام: والفائدة في ذكر النفس أنه لو قال: (وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ) لم يفد أن الذي أريد التحذير منه هو عقاب يصدر من الله أو من غيره، فلما ذكر النفس زال هذا الاشتباه، ومعلوم أن الصادر عنه يكون أعظم أنواع العقاب، وأنه لا قدرة لأحد على دفعه ومنعه.
وقلت: إنما كان وعيداً شديداً للتحذير الواقع عن النفس وإيقاع قوله: (إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ) الآية [آل عمران: ٢٩]، الدال على العلم الشامل والقدرة الكاملة بياناً له، والمراد بالبيان التعليل؛ لأن تلخيص المعنى: لا تتعرضوا لسخط الله بموالاة أعدائه، لأنه تعالى عالم بكل شيء، يعلم سركم وعلنكم وقصدكم في الموالاة، وقادر على كل شيء، يقدر على عقوبتكم لما تعرضتم له.