ويجوز أن يضمن (تَتَّقُوا) معنى "تحذروا" وتخافوا؛ فيعدى ب (من) وينتصب (تُقاةً) أو (تقية) على المصدر، كقوله تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [سورة آل عمران: ١٠٢]
(قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٩)
(إنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوه) من ولاية الكفار أو غيرها مما لا يرضى اللَّه (يَعْلَمْهُ) ولم يخف عليه، (و) هو الذي (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) لا يخفى عليه منه شيء قط، فلا يخفى عليه سركم وعلنكم (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) ٌ فهو قادر على عقوبتكم. وهذا بيان لقوله (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران: ٢٨]؛ لأنّ نفسه ـ وهي ذاته المتميزة من سائر الذوات ـ متصفة بعلم ذاتي لا يختص بمعلوم دون معلوم، فهي متعلقة بالمعلومات كلها وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدور دون مقدور، فهي قادرة على المقدورات كلها؛ فكان حقها أن تحذر وتتقى؛ فلا يجسر أحد على قبيح ولا يقصر عن واجب، فإن ذلك مطلع عليه لا محالة فلا حق به العقاب، ولو علم بعض عبيد السلطان أنه أراد الاطلاع على أحواله، فوكل همه بما يورد ويصدر،........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يضمن (تَتَّقُوا) معنى "تحذروا") عطف على قوله: "إلا أن تخافوا من جهتهم".
قوله: (فإن ذلك مطلع عليه) بفتح اللام، أي: فإن الجسارة على القبيح والتقصير عن الواجب مطلع عليه، لأن الله تعالى يعلم ما في صدوركم، فلاحق بصاحبه العقاب لأن الله على كل شيء قدير، أو: فإن الذي وصف بصفة العلم والقدرة مطلع، بكسر اللام، على ما تخفون في أنفسكم، فإذا كان كذلك فلاحق بمن فعله العقاب، فالضمير في "لاحق" به راجع إلى "أحد".
قوله: (فوكل همه بما يورد ويصدر) يعني: صرف همته في موارده ومصادره أن يراعى