ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: الحب أصله من الحب، وبه شبه حبة القلب، وحببته، يقال على وجهين، أحدهما: أصبت حبة قلبه نحو: كبدته، قال الأعشى:

فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها
وأصبته بحبة القلب نحو: رمحته، وعنته: أصبته بالعين، فقولك: حببته وأحببته هو في اللفظ فعل وفي الحقيقة انفعال، لأن المحب منفعل للمحبوب، فإذا استعمل في الله فقيل: أحب الله فلاناً فليس إلا على سبيل الفعل، والمعنى: أصاب تعالى حبة قلبه فجعلها لنفسه مصونة عن الهوى والشيطان وسائر أعداء الله.
والمحبة: إرادة ما تراه أو تظنه خيراً، وهي أربعة أضرب بحسب أغراض الناس في أمورهم: اللذة، والنفع، والخير المحض، والمركب من اللذة والنفع، وكل محبة ينقطع سببها انقطعت بانقطاعه، ولما كانت الشهوة البدنية والمنافع الدنيوية منقطعة فالحب الذي يجلبانه منقطع لا محالة بانقطاعهما، ولما كان الخير المحض باقياً كان الحب الذي يجلبه باقياً ببقائه.
وقال القاضي: المحبة: ميل النفس إلى الشيء لكمال أدرك فيه بحيث تحب ما يقربه إليه، والعبد إذا علم أن كل ما يراه كمالاً من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله لم يكن حبه إلا لله، وذلك يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقربه، فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة، وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول في عبادته والحرص على مطاوعته.


الصفحة التالية
Icon