ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو يقتضي أن تكون حنة أم إيشاع، وهو يخالف ما ذكر من أنها كانت عاقراً لم تلد إلى أن عجزت، مع أن إيشاع أكبر سناً من مريم، وإنما قلنا: إنها كانت أكبر سناً لأنها كانت تحت زكريا عليهم السلام حين اقترع الأحبار في مريم.
وقلت: الظاهر ما رواه محيي السنة في "المعالم": أن زكريا وعمران زوجا أختين، وكانت إيشاع بنت فاقوذا أم يحيى عند زكريا، وحنة بنت فاقوذا أم مريم عند عمران، وعليه ينطبق قول المصنف أولاً: "روي أنهاـ أي: حنةـ كانت عاقراً لم تلد إلى أن عجزت"، إلى قوله: "فحملت بمريم". وقوله ثانياً: "أنا أحق بها، عندي خالتها". وثالثا: "رغب في أن يكون له من إيشاع ولد مثل ولد أختها"، إلى قوله: "وإن كانت عاقراً عجوزاً فقد كانت أختها كذلك". وأما الحديث الذي روينا عن الشيخين: "فإذا أنا بابني الخالة: عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا"، وما ذكره المصنف ها هنا: "وكان يحيى وعيسى ابني خالة"، وفي سورة مريم: "قيل: كانت في منزل زوج أختها زكريا"، فتأويله ما ذكره صاحب "التقريب": والحقيقة أن يحيى وأم عيسىـ وهي مريمـ ولدا خالة؛ لأن إيشاع أم يحيى، وحنة أم مريم: أختان، والغرض أنه كان بين يحيى وعيسى عليهما السلام هذه الجهة من القرابة، وكان عيسى ابن بنت خالة يحيى فأطلق عليه ابن الخالة؛ لأن ابن بنت الخالة كابن الخالة، إطلاقاً مجازياً عرفياً، وكثيراً ما يطلق الرجل اسم الخالة على بنت خالته لكرامتها عليه، ولكونه مربوباً عندها، هذا وجه التوفيق، تم كلامه.
ولعل المصنف نظر إلى ظاهر الحديث فبنى كلامه: "وقد تزوج زكريا بنته إيشاع أخت مريم عليه"، ثم أتى بالروايات الثلاث على ما هي عليه فوقع في الاختلاف.
وأما تعبير المعزي أولاً: أنا أحق بها، عندي أختها بدل: خالتها، وثانياً: مثل ولد أمها حنة بدل: ولد أختها، فلتصحيح الكلام الأول، وهو قد تزوج زكريا بنته إيشاع أخت مريم، إلا أنه غيرهما بناءً على أنه وجد رواية صحيحة، والله أعلم بحقيقة الحال.


الصفحة التالية
Icon