(يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ): يئسوا منه أن يبطلوه، وأن ترجعوا محللين لهذه الخبائث بعد ما حرّمت عليكم.
وقيل: يئسوا من دينكم أن يغلبوه، لأن اللَّه عز وجل وفى بوعده من إظهاره على الدين كله. (فَلا تَخْشَوْهُمْ) بعد إظهار الدين وزوال الخوف من الكفار، وانقلابهم مغلوبين مقهورين بعد ما كانوا غالبين (وَاخْشَوْنِي): وأخلصوا لي الخشية. (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ): كفيتكم أمر عدوّكم وجعلت اليد العليا لكم، كما تقول الملوك: اليوم كمل لنا الملك وكمل لنا ما نريد: إذا كفوا من ينازعهم الملك، ووصلوا إلى أغراضهم ومباغيهم. أو: أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس وأصول الاجتهاد.
(وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين،.......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وأخلصوا لي الخشية) دل على الخلوص ورود الأمر بعد النهي.
قوله: (كفيتكم أمر عدوكم) يريد أن قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣] جُملة مستأنفة لبيان موجب نهي الخشية، وهو بظاهره لا يدل على ذلك، فأولها بقوله: "كفيتكم أمر عدوكم" على سبيل الكناية، أي: لا تخشوهم واخشوني لأني كفيت شرهم، وجعلت اليد العليا لكم.
قوله: (وقوانين القياس وأصول الاجتهاد)، قال الإمام: المرادُ بإكمال الدين: أنه تعالى بيَّن حُكم جميع الوقائع، بعضها بالنص، وبعضها بطريق يُعرف الحكم بها، وأمر بالاستنباط وتعبد المكلفين به، فكان ذلك بياناً في الحقيقة.
قوله: (﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ بفتح مكة) متفرعٌ على قوله: "كفيتكم أمر عدوكم" على


الصفحة التالية
Icon