وهدم منار الجاهلية ومناسكهم وأن لم يحجّ معكم مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. أو أتممت نعمتي عليكم بإكمال أمر الدين والشرائع كأنه قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) بذلك، لأنه لا نعمة أتمّ من نعمة الإسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكميل؛ لما عُلم من الأول: زوال الخوف وحصول الأمن، ومن الثاني: الغلبة وقهر الأعداء، فإنه لما وصفهم بحصول الأمن وكفاية شر الأعداء رأى الوصف غير تام فكمل بالفتح والنصرة وقهر الأعداء.
قوله: (أو أتممت عليكم نعمتي بإكمال أمر الدين والشرائع) متفرعٌ على قوله: "أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم"، والإتمام بمعنى التتميم الاصطلاحي، فإن قوله: ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ دل بمفهومه على نعمة خطيرة فتنبه، وتممه بقوله: ﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ بذلك"، أي: بإكمال الدين، وقوله: "لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام". روى الإمام عن القفال أنه قال: الشرع أبداً كان كاملاً وإن الشرائع في كل وقت كانت كافية بحسب اقتضاء ذلك الوقت، لكن بحسب النسبة على بعضها كانت كاملة وأكمل، ولهذا كان يُزاد في كل وقت ويُنسخ، وأما في آخر زمان المبعث فإنه تعالى أنزل شريعة كاملة وحكم ببقائها إلى يوم القيامة، ولذلك قال تعالى: ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾، ويمكن أن يقال: إن الشرائع كانت كاملة في كل زمان بالنسبة إلى أهله، وكل من كان مكلفاً فيه، لكن كمالها بالنسبة إلى جميع المكلفين إلى آخر الزمان إنما حصل في ذلك اليوم.
الراغب: قيل: إن الأديان الحق كلها جارية مجرى دين واحد، وكان قبل الإسلام في النقص