مدرّبا فيه، موصوفا بالتكليب. و (تُعَلِّمُونَهُنَّ) حالٌ ثانيةٌ، أو استئناف. وفيه فائدة جليلةٌ: وهي أن على كلّ آخذ علماً أن لا يأخذه إلا من أقتل أهله علماً وأنحرهم دراية وأغوصهم على لطائفه وحقائقه، وإن احتاج إلى أن يضرب إليه أكباد الإبل، فكم من آخذ عن غيره متقن، قد ضيع أيامه وعضّ عند لقاء النحارير أنامله!
(مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) من علم التكليب، لأنه إلهام من اللَّه ومكتسب بالعقل. أو مما عرفكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مُدرباً) من الدربة: التجربة، الأساس: درب بالأمر دُربة، وتدرب، وهو دربٌ به: عالم، وهو مجرب مُدرب.
قوله: (اقتل أهله علماً) أي: أبلغهم، يقال: قتل أرضاً عالمها، أي: ذللها بالعلم، ورجلٌ مُقتل: مجرب.
الأساس: ومن المجاز: دابة مقتلة: مذللة قد مرنت على العمل وقتلته خُبراً وعلماً.
قوله: (أن يضرب إليه أكباد الإبل) أي: تُركب الإبل وتُضرب على أكبادها بالرجل، مقتبس من قوله صلوات الله وسلامه عليه: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة"، اخرجه الترمذي عن أبي هريرة، قال عبد الرزاق: هو مالك بن أنس، وكذا قال ابن عيينة.
قوله: (﴿مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ﴾ من علم التكليب، لأنه إلهام من الله تعالى ومكتسب بالعقل، أو مما عرفكم الله أن تعلموه) إلى آخره، هذا الثاني أولى، فدلت الحال الأولى على أن معلم الكلب ينبغي أن يكون مدرباً في تلك الصفة، يعلم لطائف الحيل وطرق التأديب فيها كما عليه جملة الصيادين، ولا شك أن ذلك لا يتم إلا بالإلهام والعقل الذي منحه الله تعالى، والحال الثانية