أن تعلموه من اتباع الصيد بإرسال صاحبه، وانزجاره بزجره، وانصرافه بدعائه، وإمساك الصيد عليه، وأن لا يأكل منه. وقرئ: (مُكَلِّبِينَ) بالتخفيف. وأفعل وفعل يشتركان كثيراً. والإمساك على صاحبه: أن لا يأكل منه، لقوله ﷺ لعديّ بن حاتم: «وإن أكل منه، فلا تأكل، إنما أمسك على نفسه» وعن علي رضي اللَّه عنه: إذا أكل البازي فلا تأكل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أنه ينبغي أن يكون فقيهاً عالماً بالشرائط المعتبرة في الشرع "من اتباع الصيد بإرسال صاحبه، وانزجاره بزجره، وانصرافه بدعائه، وإمساك الصيد عليه، وأن لا يأكل منه"، وفيه إدماج لتلك الفائدة الجليلة التي ذكرها مع الإشارة إلى أن العالم وإن كان أوحدياً متبحراً في العلوم ينبغي أن يكون محدثاً ملهماً من عند الله تعالى، مجانباً مشارب علمه عن كدوره الهوى ولوث النفس الأمارة، مستعداً لفيضان العلوم اللدنية، مقتبساً من مشكاة الأنوار النبوية.
والذي يؤيد هذا التأويل ما روينا عن البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، عن عدي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب، فقال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة، وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلبٌ من غيرها فلا تأكل".
قوله: (أن تُعلموه) هو مفعول ثان لقوله: "مما عرفكم"، والضمير المنصوب في "تعلموه" عائد إلى "ما"، والمفعول الثاني محذوف، أي: مما عرفكم الله أن تعلموه الكلب، وقوله: "من اتباع" بيان "ما.
قوله: (على نفسه) حالٌ، أي: مستعلياً ومستولياً عليها كما تقتضي طبيعته وجبلته، لا على


الصفحة التالية
Icon