يعني: إنا كنا قادرين على الإعادة، كذلك عُبر عن إرادة الفعل بالفعل، وذلك أن الفعل مسبب عن القدرة والإرادة، فأقيم المسبب مقام السبب للملابسة بينهما، ولإيجاز الكلام، ونحوه من إقامة المسبب مقام السبب قولهم: كما تدين تدان؛ عبر عن الفعل المبتدأ الذي هو سبب الجزاء بلفظ الجزاء الذي هو مسبب عنه.
وقيل: معنى (قمتم إلى الصلاة): قصدتموها؛ لأنّ من توجه إلى شيءٍ وقام إليه كان قاصداً له لا محالة، فعبر عن القصد له بالقيام إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: معنى ﴿قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾: قصدتموها) عطفٌ على قوله: " ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ كقوله: ﴿فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ﴾ [النحل: ٩٨] "، وقيل في الفرق: إن المعنى على الأول: إذا أردتم القيام إلى الصلاة وقصدتموها، وعلى هذا: إذا أردتم الصلاة وقصدتموها، وفيه نظرٌ، لأن الإرادة هي القصد المخصوص لما فسرها بقوله: "وهو قصده إليه وميله وخلوص داعيه" بل المراد من القصد مطلق الميل من غير الداعية الخالصة التي تستلزم النية.
وأيضاً يُفهم من إرادة القيام إلى الصلاة الأخذ في مقدمتها وشرائطها، ومن ثم عقبها بقوله: ﴿فَاغْسِلُوا﴾ وليس كذلك القصد إلى مُطلق الصلاة والأول أوجه.
وقال القاضي: وفائدة هذه الطريقة التنبيه على أن من أراد العبادة ينبغي أن يبادر إليها بحيث لا ينفك الفعل عن الإرادة.
الراغب: ظاهر الآية يقتضي أن لا يجب في الوضوء النية، والقول بوجوبها يقتضي زيادة في النص، والزيادة في النص تقتضي النسخ، ونسخ القرآن لا يجوز اتفاقاً بخبر الواحد وبالقياس، فلا يصح إذاً إثبات النية، وقال بعض الشافعية: بل الآية تقتضي إيجاب النية، لأن معنى قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ﴾: إذا أردتم، ولو لم يكن معناه ذلك لم يكن لذكره فائدة،


الصفحة التالية
Icon