وكذلك الذي أراد إحياءها. وعن مجاهدٍ: قاتل النفس جزاؤه جهنم وغضب اللَّه والعذاب العظيم، ولو قتل الناس جميعاً لم يزد على ذلك. وعن الحسن: يا ابن آدم، أرأيت لو قتلت الناس جميعاً، أكنت تطمع أن يكون لك عمل يوازي ذلك، فيغفر لك به؟ كلا إنه شيءٌ سوّلته لك نفسك والشيطان، فكذلك إذا قتلت واحداً.
(بَعْدَ ذلِكَ) بعد ما كتبنا عليهم وبعد مجيء الرسل بالآيات (لَمُسْرِفُونَ) يعني: في القتل لا يبالون بعظمته.
[(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)].
(يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ): يحاربون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ومحاربة المسلمين في حكم محاربته. (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً): مفسدين، أو لأنّ سعيهم في الأرض لما كان على طريق الفساد، نزل منزلة: (ويفسدون في الأرض)، فانتصب (فساداً) على المعنى، ويجوز أن يكون مفعولاً له، أي: للفساد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومحاربة المسلمين في حكم محاربته) أي: محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه تمهيد بعد تمهيد، فذكر الله تعالى تمهيد لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر رسول الله ﷺ تمهيد لذكر المسلمين، لأن قطاع الطريق إنما يحاربون غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (أو لأن سعيهم في الأرض) أي: ﴿فَسَاداً﴾، إما حال بمعنى: مفسدين، أو مفعول مطلق، لأن قوله: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ﴾ بمعنى: يفسدون، لأن سعيهم في الأرض لم يكن غير الفساد.