..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا يغسله الماء": إما عبارة عن أن يكون محفوظاً في الصدور، غير متكل مما في المصاحف، كما جاء في الحديث: "أنا جيلهم في صدورهم"، يؤيده قوله: "تقرؤه نائماً ويقظان". أو عبارة عن ثباته وبقائه، وأنه يغلب ولا يغلب، ويعلو ولا يعلى.
الثلغ: الشدخ.
قال القاضي: "الفاء في (فلا يكن) تحتمل العطف والجواب، فكأنه قيل: إذا أنزل إليك لتنذر به، فلا يحرج صدرك".
وقلت: إن الفاء آذنت بترتيب النهي على كون الكتاب منزلاً - وتقريره على "الشك" - أن يقال: إذا حققت أن الكتاب منزل من عند الله، فلا ينبغي أن تشك فيه، لأن اليقين والشك لا يجتمعان. فالنهي من باب التهييج والإلهاب، ليداوم على اليقين، ويزيد فيه، كقوله تعالى: (فَإن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا) [يونس: ٩٤]، وقوله: (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) [البقرة: ١٤٧].
وعلى نفي الضيق والحرج أن يقال: إن (المص) إما وارد على قرع العصا لمن تحدي بالقرآن وبغرابة نظمه، أو هو تقدمة لدلائل الإعجاز. والمعنى: (المص) هو كتاب منزل من عند الله، بالغ حد الإعجاز، فكن منشرح الصدر، فسيح البال، قوي الجأش، ولا تبال بهم، وأنذرهم به، فإن لك الغلبة والسلطان، وهم مقهورون. وإليه الإشارة بقوله: "ونهاه عن المبالاة بهم". فالنهي من باب التشجيع. هذا هو الوجه معنى ونظماً كما سيجيء.