فإن قلت: بم تعلق قوله (لِتُنْذِرَ)؟ قلت: بـ (أنزل)، أي: أنزل إليك لإنذارك به أو بالنهي، لأنه إذا لم يخفهم أنذرهم، وكذلك إذا أيقن أنه من عند الله شجعه اليقين على الإنذار، لأن صاحب اليقين جسورٌ متوكل على ربه، متكل على عصمته.
فإن قلت: فما محل "ذكرى"؟ قلت: يحتمل الحركات الثلاث. والنصب بإضمار فعلها، كأنه قيل: لتنذر به وتذكر تذكيراً، لأن "الذكرى" اسم بمعنى التذكير، والرفع عطفاً على (كتاب)، أو بأنه خبر مبتدأٍ محذوف. والجر للعطف على محل "أن تنذر"، أي: للإنذار وللذكرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكذلك إذا أيقن): تعليل لتعلق (لتنذر) بالنهي على تأويل الحرج بالشك.
قوله: (متكل على عصمته)، التوكل: إظهار العجز، والاعتماد على الغير.
قوله: (النصب بإضمار فعلها). روي عن المصنف أنه قال: "لم أزعم معطوفاً على محل (لتنذر)، لأن المفعول له يجب أن يكون فاعله وفاعل الفعل المعلل واحداً حتى يجوز حذف اللام منه".
قوله: (أو بأنه خبر مبتدأ محذوف). قال الزجاج: "التقدير: هو ذكرى للمؤمنين. كقولك: هو ذكر للمؤمنين". تم كلامه.
فإذا قلت: ما الفرق بينه إذا كان عطفاً على (كتب) وبينه إذا كان خبر مبتدأ محذوف؟
قلت: المعنى على الأول: هو جامع بين كونه كتاباً وكونه ذكرى للمؤمنين أنذر به.
وعلى الثاني: عطف جملةٍ على جملة، أي: هو كتاب منزل من عند الله، لإنذار الكافرين،


الصفحة التالية
Icon