[(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ* فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)].
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ): (أُرْسِلَ) مسندٌ إلى الجار والمجرور، وهو (إِلَيْهِمْ) ومعناه: فلنسألنّ المرسل إليهم وهم الأمم، يسألهم عما أجابوا عنه رسلهم، كما قال: (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص: ٦٥] ويسأل المرسلين عما أجيبوا به، كما قال: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ) [المائدة: ١٠٩].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذا هاهنا إذا جعلت "الدعوى" اسماً، وقع التردد في القول، أي: الدعوى هي القول ليست غيره، فيتفق معنى هذا مع معنى القصر، فكان توكيداً مثله. وإذا عكست وقع التردد في "الدعوى"، أي: القول هو هذه الدعوى ليس غيرها. وفيه إشكال.
وأما اعتبار التقديم، فإنك إذا جعلت "الدعوى" خبراً، فقد أزلتها عن مقرها، فكان الاهتمام بشأنها، والمقام يقتضيه، لأن المقصود من الإيراد إظهار عجزهم، وإبداء تضرعهم واستغاثتهم. وأما تخصيص القول فتابع، والله أعلم.
قوله: (كما قال: (ويَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ)): دليل على أن قوله: (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ) واقع في الحشر، كما يدل عليه في هذا المقام قوله: (والْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ) الآية [الأعراف: ٨]، قوله: (فما كان دعواهم): وارد في الدنيا، لأنه متعقب لقوله: (وكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا) الآية: فالفاء في (فَلَنَسْئَلَنَّ) فصيحة، كأنه قيل: فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا في الدنيا إلا أن قالوا: إنا كنا ظالمين، فقطعنا دابرهم، ثم لنحشرنهم فلنسألنهم، فجيء بالجملة القسمية، ووضع (الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ) موضع الضمير، لمزيد التقرير.


الصفحة التالية
Icon