..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: ما كان بطؤهم إلا مدةً يسيرة، كالتفوه بـ"لا" و"لا". غشاشاً، بالكسر، أي: على عجلةٍ.
قال القاضي: "واستدل على فضل الملائكة على الأنبياء بهذه الآية. وجوابه: أنه كان من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب، وإنما كانت رغبتهما في أن يحصل لهما أيضاً ما للملائكة من الكمالات الفطرية، والاستغناء عن الأطعمة والأشربة. وذلك لا يدل على فضلهم مطلقاً".
وقلت: بل كان رغبتهما في الأكل لأجل القسم، لا لإخباره المتقدم، لما علم أنه لا يحتمل الصدق، كما قال المصنف: "فنزلهما إلى الأكل من الشجرة بما غرهما به من القسم بالله"، وقوله بعيد هذا: "بلي وعزتك، ولكن ما ظننت أحداً من خلقك يحلف بك كاذباً"، لا لأن يصيرا ملكين بالأكل، لأنه على خلاف ما عليه الملك، ولا لطلب المرتبة، لأن كونه مسجوداً للملائكة كفاه دلالةً على أنه أفضل منهم، ومن ثم امتنع إبليس من السجود. نعم، قد يمكن أن تكون رغبته لأجل الخلود، لقوله: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ ومُلْكٍ لاَّ يَبْلَى) [طه: ١٢٠].
وقال الإمام: "المحققون أنكروا حصول التصديق، وقالوا: إنما أقدما على الأكل لغلبة الشهوة، لا أنهما صدقاه علماً أو ظناً كما نجد من أنفسنا عند الشهوة نقدم على الفعل إذا زينه الغير، وإن لم نعتقد أن الأمر كما قال".
وقال صاحب "الانتصاف": "لا يلزم من اعتقاد إبليس ذلك أن يكون الأمر على ما اعتقده، ووسوس به، فقد علل إبليس منع الشجرة بأنه كراهة أن يخلدا أو يكونا ملكين، وهو كاذب فيه، فلم يقرر الله قوله، بل أشار إلى كذبه بقوله: (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ)، فلعل تفضيله الملائكة من الغرور".


الصفحة التالية
Icon