جعل ما في الأرض منزلاً من السماء، لأنه قضي ثم وكتب، ومنه (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر: ٦]، والريش: لباس الزينة، استعير من ريش الطير، لأنه لباسه وزينته، أي: أنزلنا عليكم لباسين: لباساً يواري سوآتكم، ولباساً يزينكم، لأن الزينة غرضٌ صحيح، كما قال: (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) [النحل: ٨]، (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) [النحل: ٦]. وقرأ عثمان رضي الله عنه: "ورياشاً" جمع ريش، كشعبٍ وشعاب.
(وَلِباسُ التَّقْوى): ولباس الورع والخشية من الله تعالى، وارتفاعه على الابتداء، وخبره: إمّا الجملة التي هي (ذلِكَ خَيْرٌ)، كأنه قيل: ولباس التقوى هو خير، لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر، وإمّا المفرد الذي هو (خيرٌ)، و (ذلك) صفةٌ للمبتدأ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن الزينة غرض صحيح). يعني إنما عطف (وريشاً) على (لباساً)، ليؤذن بأن الزينة أيضاً غرض صحيح، كقوله تعالى: (والْخَيْلَ والْبِغَالَ والْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وزِينَةً) [النحل: ٨]. وكما أن ستر العورة مأمور به، كذلك أخذ الزينة مأمور به. قال تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: ٣١].
قوله: (فيما يرجع إلى عود الذكر)، قال الزجاج: " (ذلك) بمنزلة "هو": أي: لباس التقوى هو خير، لأن أسماء الإشارة تقرب فيما يعود من الذكر من المضمر".
قوله: (و (ذلك): صفة للمبتدأ)، قال نور الدين الحكيم: "الوصف بـ"ذلك" غير سديد على الظاهر، لأن حق الموصوف أن يكون أخص، و"ذلك" أخص من (ولباس التقوى) وقد صرحوا بأن عامهم هذا جائز. والمضاف إلى المعرف باللام أحط درجةً من المعرف باللام".


الصفحة التالية
Icon