(ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ) الدالة على فضله ورحمته على عباده، يعني إنزال اللباس، (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فيعرفوا عظيم النعمة فيه.
وهذه الآية واردةٌ على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت وخصف الورق عليها، إظهاراً للمنة فيما خلق من اللباس، ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة، وإظهاراً بأنّ التستر بابٌ عظيمٌ من أبواب التقوى.
[(يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)].
(لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ): لا يمتحننكم بأن لا تدخلوا الجنة، كما محن أبويكم بأنّ أخرجهما منها (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما) حال، أي: أخرجهما نازعاً لباسهما،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد) يعني: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ) جاءت تابعةً لحديث آدم والشيطان، وإظهار عداوته له، والتحذير عن متابعته، فجرى فيه حديث كشف العورة وقبحه، فاستطرد حديث ستر العورة وحسنه، حتى أنكر على من أعرض عنه، وقال بتحريمه، الدال عليه قوله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ) الآية [الأعراف: ٣٢]. ثم عاد إلى بيان الزجر عن متابعة الشيطان بقوله: (يَا بَنِي آدَمَ إمَّا يَاتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ) الآيات [الأعراف: ٣٥].
قوله: (كما محن أبويكم بأن أخرجهما منها)، يريد أن قوله: (كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم) وضع موضع مصدر (يفتنتكم)، وضعاً للسبب موضع المسبب، أي: أوقعه في المحن والبلاء بسبب الإخراج.


الصفحة التالية
Icon