وأطاعوهم فيما سئلوا لهم من الكفر والمعاصي، وهذا تحذير آخر أبلغ من الأول.
فإن قلت: علام عطف (وقبيله)؟ قلت: على الضمير في (يراكم) المؤكد بـ (هو)، والضمير في (إنه) للشأن والحديث، وقرأ اليزيدي: "وَقَبِيلُهُ" بالنصب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وهذا تحذير آخر أبلغ من الأول)؛ لأن فيه التسلط والإطاعة والتسويل، لقوله: "تولوهم وأطاعوهم".
وقلت: ليس بتحذيرٍ آخر، إذ لو كان لوجب العطف عليه، بل هو تعليل للتعليل، ولذلك فصل بياناً للموجب. فإن تعالى لما حذر بني آدم من فتنة الشيطان، ونهاهم عنها نهياً بليغاً، اتجه لهم أن يسألوا: لم هذا التحذير والنهي البليغ؟ فقيل: لأنه بمنزلة العدو المداجي يراكم ولا ترونه. ثم قيل: كيف تمكن هذا التمكن؟ ومن أين تسنى له ذلك؟ فقيل: لأنا جعلناه متولياً على أوليائه، ومسلطاً عليهم، كما قال: (واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ وشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ والأَوْلادِ) [الإسراء: ٦٤].
وعليه كلام الزجاج، كما مر آنفاً.
وقال الإمام: "احتج أصحابنا بهذا النص على أنه تعالى هو الذي سلط الشيطان عليهم حتى أضلهم وأغواهم".
قوله: (على الضمير في (يرياكم) المؤكد بـ"هو")، قال المصنف: "فإن قيل: لم امتنع العطف على الضمير المنفصل؟ قلت: لأن العاطف يجعل ما بعده شريكاً لما قبله من معمول الفعل، والذي هو معمول الفعل "هو" المستكن دون البارز، فوجب العطف عليه".
قالوا: لعل هذا النقل خطأ، لأن القول بالانسحاب في التوابع هو المختار عنده وعند ابن الحاجب.


الصفحة التالية
Icon