وفيه وجهان: أن يعطفه على اسم "إن"، وأن تكون الواو بمعنى "مع"، وإذا عُطف على اسم "إن" وهو الضمير في (أنه)، كان راجعاً إلى إبليس.
[(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَامُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ)].
الفاحشة: ما تبالغ في قبحه من الذنوب، أي: إذا فعلوها اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأنّ الله تعالى أمرهم بأن يفعلوها، وكلاهما باطلٌ من العذر، لأن أحدهما تقليد، والتقليد ليس بطريق العلم. والثاني: افتراء على الله وإلحادٌ في صفاته، كانوا يقولون: لو كره الله منا ما نفعله لنقلنا عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: إنما لم يحسن هاهنا، لأن اعتبار الفرع مع وجود الأصل بعيد، لأن استجلاب الثاني لتصحيح العطف عليه، فلا تنقلب الوسيلة أصلاً.
قوله: (وإذا عطف على اسم "إن" وهو الضمير في (إنه) كان راجعاً إلى إبليس)، لأن هذا العطف يأبى أن يكون الضمير للشأن، بخلاف الرفع والعطف على الضمير في (يراكم) فإنه غير مانع، وإنما جعل الضمير للشأن، وإن جاز أن يكون للشيطان، لأن مقام التفخيم يقتضيه، لأن قوله: (إنه يراكم) تعليل للنهي، وتحذير من فتنة الشيطان، كأنه قيل: لا يفتننكم الشيطان، لأن الشأن والأمر كيت وكيت.
وعلى النصب لا يبقي لضمير المرفوع المؤكد مزيد فائدة.


الصفحة التالية
Icon