(عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ): في كل وقت سجود، أو في كل مكان سجود وهو الصلاة (وَادْعُوهُ): واعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي: الطاعة، مبتغين بها وجه الله خالصاً، (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ): كما أنشأكم ابتداءً يعيدكم، احتجّ عليهم في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق، والمعنى: أنه يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم، فأخلصوا له العبادة.
[((فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)].
(فَرِيقاً هَدى) وهم الذين أسلموا، أي: وفقهم للإيمان (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) أي: كلمة الضلالة، وعلم الله أنهم يضلون ولا يهتدون. وانتصاب قوله: (وَفَرِيقاً) بفعل مضمرٍ يفسره ما بعده، كأنه قيل: وخذل فريقاً حق عليهم الضلالة، (إِنَّهُمُ): إنّ الفريق الذي حقّ عليهم الضلالة (اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) أي: تولوهم بالطاعة فيما أمروهم به، وهذا دليلٌ على أن علم الله لا أثر له في ضلالهم، وأنهم هم الضالون باختيارهم وتوليهم الشياطين دون الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في كل وقت سجود): إشارة إلى أن قوله: (مسجدٍ) مصدر ميمي والوقت مقدر، أو اسم مكانٍ كني به عن الصلاة. وإليه الإشارة بقوله: "وهو الصلاة".
قوله: (وهذا دليل على أن علم الله لا أثر له في ضلالهم)، وجه الاستدلال أن قوله: (إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ) جملة استثنافية على سبيل التعليل، كأنه قيل: لم حق عليهم الضلالة؟ أي: لم ثبت في علم الله أنهم يضلون ولا يهتدون؟ فأجيب: لأنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله.
فيكون علمه تعالى تابعاً لضلالتهم وتوليهم الشياطين؛ فلا يكون مؤثراً فيها.
وقلت: إذا أجرى قوله تعالى: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) على ما يقتضيه النظم، وورد فيه


الصفحة التالية
Icon