(وَالْبَغْيَ): الظلم والكبر، أفرده بالذكر كما قال: (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) [النحل: ٩٠]. (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) فيه تهكم، لأنه لا يجوز أن ينزل برهانا بأن يشرك به غيره، (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ): وأن تتقوّلوا عليه وتفتروا الكذب من التحريم وغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((والبغي): الظلم والكبر، أفرده بالذكر)، قال القاضي: "أفرده بالذكر للمبالغة وعلق به قوله: (بغير الحق) توكيداً". قلت: هو مثل قولك: أخذته بيدي، ونظرته بعيني.
وقال أبو البقاء: " (بغير الحق): حال من الضمير الذي في المصدر، أي: وأن تبغوا بغير الحق".
وقلت: الحال مؤكدة، كما مر في قوله تعالى: (ثُمَّ ولَّيْتُم مُّدْبِرِينَ) [التوبة: ٢٥].
ذكر "الإثم" في هذه الآية، وهو عام لكل ذنب، ثم عطف عليه "البغي" المقيد، كما ذكر "المنكر" في تلك الآية، وهو عام، وعطف عليه "البغي"، ليؤذن بأن الكبر أفحش الإثم وأقبح المنكر، ولذلك ورد: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار". أخرجه أبو داود عن أبي هريرة.
فالمتكبر يبغي على ربه وينازعه، ويبغي على الخلق، لأنه ينزل نفسه فوق منزلته، ويرى الناس دونه، فيهضم حقهم، والله أعلم.
قوله: ((ما لم ينزل به سلطاناً): فيه تهكم، لأنه لا يجوز أن ينزل به برهاناً بأن يشرك به غيره)، قال في "الانتصاف": قياسه أن يكون كقوله: