وعن ابن عباسٍ رضي الله عنه: إنّ الله أحسن تشبيهاً من أن يشبه بالجمل، يعني: أن الحبل مناسب للخيط الذي يُسلك في سم الإبرة، والبعير لا يناسبه؛ إلا أن قراءة العامّة أوقع لأن سم الابرة مثلٌ في ضيق المسلك. يقال: أضيق من خرت الابرة. وقالوا للدليل الماهر: خِرّيت، لاهتدائه في المضايق المشبهة بأخرات الإبر.
والجمل: مثل في عظم الجرم. قال:
جسم الجمال وأحلام العصافير
إن الرجال ليسوا بجزرٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن سم الإبرة مثل في الضيق)، الراغب: "السم والسم: كل ثقب ضيق، كخرت الإبرة، وثقب الأنف. وجمعه: سموم. وقد سمه: أدخله فيه. قال تعالى: (حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ). والسم: القاتل، هو مصدر في معنى الفاعل، فإنه يلطف تأثيره، ويدخل في بواطن البدن. والسموم: الريح الحارة، التي تؤثر تأثير السم".
قوله: (جسم الجمال وأحلام العصافير) أوله لحسان:
لا بأس بالقوم من طولٍ ومن عظم
يقول: لا يعجبنك من القوم عظم أجسامهم، وطول قامتهم، إنما المرء بالحلم والعلم، لا بالشحم واللحم.
قوله: (إن الرجال ليسوا بجزرٍ)، الجزر: جمع الجزور، وهو الإبل.


الصفحة التالية
Icon