ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويتركون العام الثاني على ما كان عليه الأول، فلا يزالون كذلك إلى خمس وعشرين سنة، ثم يستدير حينئذ الشهر الذي بُديء منه، وكانت السنة التي حج فيها رسول الله ﷺ حجة الوداع التي وصل ذو الحجة إلى موضعه، فقال ﷺ في خطبته: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً"، يعني: أن الله تعالى أدحض أمر النسيء، فإن حساب السنة قد استقام ورجع إلى الأصل الموضوع يوم خلق السماوات والأرض. قوله: "السنة اثنا عشر شهرا"تأكيد في إبطال أمر النسيء.
وروى محيي السنة في "شرح السنة": "أن العرب كانت في الجاهلية قد بدلت أشهر الحج، وذلك أنهم كانوا يعتقدون تعظيم هذه الأشهر الحرم، ويتحرجون فيها عن القتال، فاستحل بعضهم القتال فيها من أجل أن عامة معايشهم كانت من الصيد والغارة، وكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر على التوالي، وكانوا إذا استحلوا شهراً منها، حرموا مكانه شهراً آخر، وهو النسيء الذي ذكر الله تعالى في كتابه: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) [التوبة: ٣٧]، ومعنى النسيء: تأخير تحريم رجب إلى شعبان، والمحرم إلى صفر، مأخوذ من: نسأت الشيء: إذا أخرته، وكان ذلك في كنانة، وإذا أخروا تحرمي المحرم إلى صفر، ومكثوا ذلك زماناً، ثم احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر إلى الربيع، فعلوا هكذا شهراً بعد شهر، حتى استدار التحريم على السنة كلها، فقام الإسلام، وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله".
وقد سبق في سورة البقرة عند قوله تعالى: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: ١٩٧] رواية عن بعضهم على غير هذه الطريقة.


الصفحة التالية
Icon