(غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ): لا تفوتونه وإن أمهلكم، وهو مخزيكم، أي: مذلكم في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة بالعذاب.
[(وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ٣]
(وَأَذانٌ) ارتفاعه كارتفاع (براءة) على الوجهين، ثم الجملة معطوفة على مثلها، ولا وجه لقول من قال: إنه معطوف على (براءة)، كما لا يقال: "عمرو" معطوف على "زيد"، في قولك: زيد قائم، وعمرو قاعد، والأذان: بمعنى الإيذان، وهو الإعلام، كما أنّ الأمان والعطاء بمعنى الإيمان والإعطاء.
فإن قلت: أي فرق بين معنى الجملة الأولى والثانية؟ قلت: تلك إخبار بثبوت البراءة، وهذه إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كما لا يُقال: "عمرو" معطوف على "زيد" في قولك: زيد قائم وعمرو قاعد): ولقاتل أن يقول: لِمَ لا يجوز أن يُعطف على (بَرَاءَةٌ)، على أن يكون من عطف الخبر على الخبر، كأنه قيل: هذه السورة براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم خاصة، وأذان من الله ورسوله إلى الناس عامة. نعم، الأحسن الأوجه أن يكون عطف جملة على جملة، لئلا تتخلل بين الخبرين جمل كثيرة أجنبية، ولئلا يفوت التطابق بين المبتدأ والخبر تأنيساً وتذكيراً.
قوله: (تلك إخبار بثبوت البراءة): يعني: قوله: (بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) يعني: هذه براءة ثابتة من الله ورسوله (إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ) إخبار من الله تعالى لمن خاطبهم بقوله: (عَاهَدتُّمْ)، بثبوت هذا الحكم في علم الله تعالى، وقوله: (وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى


الصفحة التالية
Icon