[(إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ٤]
فإن قلت: مم استثنى قوله: (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ)؟ قلت: وجهه أن يكون مستثنى من قوله: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ) [التوبة: ٢]، لأن الكلام خطاب للمسلمين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: (وجهه أن يكون مستثنى من قوله: (فَسِيحُوا)): يوهم أن هاهنا وجهاً آخر، قال أبو البقاء: " (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ) في موضع نصب على الاستثناء من (الْمُشْرِكِينَ)، ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر (فَأَتِمُّوا) ".
واختار الأول صاحب "الكواشي" والقاضي، كأن التقدير: براءة من الله ورسوله إلى المشركين الناكثين للعهد والذين لم ينقضوا العهد، سواء كانت مدة عهدهم أقل من أربعة أشهر أو أكثر أو غير محدودة، ثم استثنى من الجمع الذين ضُرب لهم أجل محدود فوق أربعة أشهر، ولم ينقضوا العهد، فأمروا أن يتموا عهدهم. وقوله: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ) جزاء شرط محذوف.
وروى محيي السنة عن جماعة من المفسرين ما يقرب من هذا الوجه.
واختار الزجاج والمصنف الوجه الثاني، لأن (إلاَّ) إذا جُعل استدراكاً كان قوله: (الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ) مبتدأ، وهو متضمن لمعنى الشرط، فلذلك جيء في الخبر بالفاء، ورجح المصنف هذا الوجه بأن قوله: (عَاهَدتُّمْ) وقوله: (فَأَتِمُّوا) خطاب للمسلمين، وقوله: (فَسِيحُوا) أيضاً خطاب لهم على إضمار القول، فالمناسب أن يكون مستثنى منه، ليتطابقا،


الصفحة التالية
Icon